نيفين المخزنجي
طلاب يلجؤون إلى الظل هربا من حرارة الشمس - تصوير: فوزية عربيدفي إطار سعيها لبلوغ المعدلات العالمية، رأت وزارة التربية زيادة عدد الساعات الدراسية خلال العام الدراسي، بحيث تصبح 875 بدلا من 576 ساعة دراسية للمرحلة الابتدائية، بواقع 299 ساعة إضافية، و718 بدلا من 585 ساعة للمرحلة المتوسطة، بواقع 133ساعة، أما ساعات الدراسة للمرحلة الثانوية فستتم زيادتها إلى 718 بدلا من 525 أي بإجمالي 193.
وتتخوف مصادر تربوية من أن يواجه مشروع إطالة الدوام المدرسي معارضة من قبل أولياء أمور الطلبة والمعلمين، في ظل عدم وضوح الرؤية في أداء وزارة التربية، وفي ظل فقدان الثقة الذي بات يشعر به معظم أولياء الأمور، وعدم استشعارهم بأن تلك القرارات تخرج بنتيجة طبيعية لدراسات تربوية نفّذتها الوزارة.
«أوان» استطلعت آراء أولياء الأمور والطلبة والمعلمين حول هذا المشروع، فهل يرونه يساهم في تطوير مخرجات التعليم، والقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، أم أنه سيشكل عامل ضغط إضافيا في سلسلة معاناتهم مع وزارة التربية؟
«إنه مشروع مفاجئ وغير مدروس».. هكذا يرى خالد الشملان (ولي أمر)، معتبرا مشروع إطالة اليوم الدراسي بندا جديدا في قائمة القرارات العشوائية لوزارة التربية، والتي دأبت على التعامل مع الطلبة والأهالي كحقل لتجاربها غير المدروسة، على حد تعبيره.
ويوضح الشملان أن هناك كثيرا من أوجه القصور في أداء وزارة التربية، وفي مخرجات العملية التعليمية، وفي كم وكيف المناهج يستوجب أولوية الاهتمام والإصلاح من قبل مسؤولي الوزارة، فبدلا من تكريس جهودهم في اختراع وسائل وممارسات ارتجالية يضغطون بها على الطلبة وأولياء أمورهم؛ عليهم الاهتمام بتحسين الأداء داخل المدارس، وإعداد كوادر تدريسية قوية ومدربة قادرة على توصيل المعلومة للطلبة، ووضع مناهج مبسّطة ومتطورة في الوقت ذاته.
ويتساءل: «من يصدّق أن أولياء الأمور الآن أصبحوا يستعينون بمدرسين خصوصين في مادة العلوم لتدريس أبنائهم في المرحلة الابتدائية، بعد خطة تغيير المناهج، وبعد أن تقاعس بعض المدرسين عن تبسيطها وتقديمها للطلبة بالصورة المفهومة؟».
ويختتم الشملان قائلا: «إذا التزمت وزارة التربية بأن تكون دراسة الطالب وحل جميع واجباته وإتمام دروسه داخل المدرسة دونما تحميله أو ذويه أي مسؤوليات دراسية بعد عودته من يوم دراسي طويل وشاق، فسأكون من أول المؤيدين لإطالة اليوم الدراسي».
استفتاء عام
وتأييداً للرأي السابق يبيّن علي زوبع (موظف بإدارة جمعية الفروانية) أن الضرورة لا تستدعي إطالة اليوم الدراسي، لأن المدارس تنهي المناهج الدراسية في موعدها، وحسب الخطة الموضوعة من قبل الوزارة، كما أن هناك وقتا كافيا للطالب قبيل الامتحانات النهائية، متسائلا: «ما الداعي لإطالة اليوم الدراسي والعبث بالنظام الذي اعتادته الأسرة والطلبة، وكيّفوا أمورهم عليه منذ بدء الحركة التعليمية في الكويت؟».
ويقترح الزوبع بدلا من الدعوة إلى مشروع إطالة اليوم الدراسي، وما سيتبعه من تكليف وزارة التربية إعداد وجبات غذائية للطلبة في المدارس، الأمر الذي سيضاعف الثقل على ميزانيتها؛ عليها أن توجّه هذه الأموال لشراء عدد أكبر من الحافلات (الباصات) المدرسية، بحيث تصبح مسؤولية المدرسة اصطحاب الطلبة وإعادتهم من المدرسة وإليها، وبذلك سيتم استثمار الميزانية بشكل أفضل وطويل المدى، وستكون خطوة على طريق حل مشكلة الاختناقات المرورية.
ويشدد على ضرورة اعتبار ولي الأمر شريكا في اتخاذ القرارت، ولاسيما الحساسة منها، والتي تتعلق به شخصيا وبمستقبل أبنائه، مقترحا عمل استفتاء عام لاستشعار آراء أولياء الأمور في القضايا والقرارات التعليمية قبل إصدار قرارات قد تكون سلبية، وضررها أكثر بكثير من منافعها.
تقلبات الطقس
أما جرّاح الفايز (مواطن -مدير شركة خاصة) فيعتبر ما تشهده أرض الواقع من تردّ في أداء وزارة التربية أرضية غير مشجعة لتقديم اقتراحات كإطالة اليوم الدراسي، مبينا أن هذا المشروع يميل إلى كونه تقليدا أعمى للدول الأخرى التي تختلف طبيعة طقسها وعواملها البيئية والاجتماعية تماما عن الكويت.
ويستطرد الفايز: «إن الطلبة يعانون من صعوبة تقلبات الطقس وارتفاع درجات الحرارة في الوضع الحالي، فكيف سيكون الوضع في حال إطالة اليوم الدراسي إلى الساعة الرابعة عصراً؟ وهل نتوقع منهم أو من الهيئة التدريسية أداء طيبا في ظل يوم دراسي طويل وشاق وطقس غير مشجع من حرارة وغبار وتقلبات جوية دائمة؟».
ويلفت إلى أنه إذا كان الهدف من زيادة عدد ساعات اليوم الدراسي القضاء على الدروس الخصوصية، فهناك حلول أخرى لا تكبّد أولياء الأمور العناء الناتج عن إطالة اليوم الدراسي أو تضاعُف من الاختناقات المرورية التي ستحدث مرة أثناء عودة الموظفين إلى بيوتهم الساعة 2 ظهرا ثم خروجهم مرة أخرى في الثالثة والنصف لاصطحاب أبنائهم من المدارس، مشيرا إلى أن رفع مستوى المعلمين من خلال دورات تدريبية مكثفة، وكذلك عمل مجموعات تقوية أسبوعية داخل المدارس للطلبة الذين يعانون من صعوبات في بعض المواد، وتحفيزهم على الانضمام إليها تعتبر حلولا ناجعة للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، من دون الحاجة إلى إطالة اليوم الدراسي.
قرار صادم
وفي السياق ذاته يوضح أحمد المعصب (موظف حكومي) أن هذا القرار إن تم تفعيله سيكون صادما لجميع الأسر الكويتية والمقيمة، فوزارة التربية سوف تقلب حياة الناس رأسا على عقب، من دون أي نتائج إيجابية متوقعة، فالجميع يعلم أن زيادة عدد ساعات اليوم الدراسي سوف تذهب للأنشطة المختلفة، ولن تتم الاستفادة منها في المواد الدراسية، فضلا عن إحساس الطلبة بالملل واستنفاد الطاقة، وهذا ما سينطبق أيضا على المعلمين.
وينبّه المعصب إلى الاضطراب الذي سيؤثر في النظام الاجتماعي والأسري، ضاربا المثل بتغيّر مواعيد اجتماع الأسرة مع بعضها لتناول وجبة الغداء كما هو معتاد، إذ سيصبح لكل فرد موعد مختلف عن الآخر، وستتأخر مواعيد عودة الأم التي تعمل في مهنة التدريس إلى بيتها وأطفالها وزوجها، وستكون مرهقة ومستنفدة الطاقة، كما ستتغير مواعيد نوم الطلبة ليلا، فهم في حاجة إلى السهر حتى يستطيعوا تحضير دروس اليوم المقبل، ومراجعة ما درسوه.
ويردف: «بما أن الطلبة سيعودون من المدرسة عصرا، فهم بحاجة إلى تعويض عدد الساعات التي كانوا يستغلونها في الراحة أو مراجعة دروسهم في حال عودتهم الطبيعية إلى البيت ظهرا، وهكذا ستتغير جميع الأمور والأنظمة، فما هو الداعي لكل ذلك؟ وهل إصلاحات أوضاع وزارة التربية تبدو غير ممكنة إلابإلقاء المزيد من الأعباء على الطلبة وأولياء الامور؟ ألا يكفينا ما نعانيه من شكاوى أبنائنا من صعوبة المناهج وضعف مستوى المعلمين في المدارس، واستنزاف جيوبنا من جراء حاجتنا الماسة الى الدروس الخصوصية؟».
رؤى ضبابية
جمعية المعلمين، من جهتها، ترفض تماما إطالة العام الدراسي الذي طرحته وكيلة وزارة التربية تماضر السديراوي، وترى أن المبررات التي تطرحها الوزارة واهية بكل ما تعانيه من معوقات ونقص، وتحديات كبيرة تجعلها غير قادرة على تنفيذ خطوات المشروع بالشكل المطلوب، وخصوصا ما يتعلق بتغيير النظم والخطط التربوية وتهيئة البيئة التربوية المناسبة، وسد كل احتياجاتها من الكوادر التعليمية.
ويؤكد رئيس الجمعية عايض السهلي أن الجمعية أصدرت بيانا ردت فيه على الوكيلة السديراوي في مشروع الإطالة، وانتقاد هذا المشروع الذي أتى في توقيت غير مناسب لا يخدم العملية التعليمية، بل يعكر صفوها، مضيفا: «ان الوكيلة السديراوي تطرح العديد من التصريحات والنظريات الإنشائية، وفي أغلب الأحيان تكون هذه النظريات بعيدة كل البعد عن الواقع الميداني والتربوي ومتطلباته».
ويشدد على رفض الجمعية مشروع إطالة العام الدراسي في ظل الأوضاع التربوية الحالية، وفي ظل وجود كم هائل من القضايا والهموم والمعوقات المتراكمة التي يعانيها الميدان التربوي، الى جانب الحالة غير المستقرة وضبابية الرؤى في العديد من الخطط والبرامج التربوية.
نظرة أحادية
السهلي يرى أن مبرر البرنامج الحكومي والمعايير الدولية الذي سعت من خلالها وزارة التربية الى دراسة مشروع الإطالة لن ينطلي على أهل الميدان أو المهتمين والمعنيين بالشأن التربوي، فالمعايير الدولية لها إطار شامل لكل الجوانب والسياسات والتوجهات التعليمية القادرة على تهيئة المناخ التربوي المناسب لكل أضلاع العملية التعليمية، مستغربا وجود هذه النظرة الأحادية الاتجاه للأخذ بالمعايير الدولية، وفي حدود ضيقة تتعلق بمواعيد وفترة الدوام الرسمي، من دون أن يتم النظر الى تلك المعايير بشكل شامل وموسع، والتدقيق في جميع اتجاهاتها حتى يتم توفير الإمكانات والمستلزمات المناسبة والخطط القادرة على تهيئة الأجواء التربوية المناسبة والبيئة الجاذبة المطلوبة.
عيالنا... « فئران تجارب»!
أم فهد علوش (ولية أمر لأولاد وبنات في مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي)، تعبّر عن ضيقها الشديد من السياسات والقرارات المتذبذبة التي تتخذها وزارة التربية، ويقع تأثيرها السلبي على الطلبة وأولياء أمورهم، ضاربة مثالا بسياسة تغيير المناهج إلى الأصعب بشكل مُبالغ فيه، ما كرّس الاتجاه إلى الدروس الخصوصية، بل دفع المدرسين الخصوصيين إلى رفع ثمن الحصة حتى وصلت إلى 20 دينارا للساعة الواحدة في المواد العلمية، ما أوقع الأهالي تحت ضغط عصبي ومادي أكبر.
وبالرجوع إلى إشكالية إطالة اليوم الدراسي تقول أم فهد: «أصحاب القرار في وزارة التربية ينامون ويحلمون بمشاريع، وينهضون صباحا لتطبيقها على عيالنا، وكأنهم فئران تجارب في معامل الوزارة، من دون دراسة أو حتى استشعار لمدى استجابة أو تقبّل الطلبة والأهالي». وتُنهي أم فهد حديثها بعبارة مقتضبة وشديدة اللهجة موجّهة الى المسؤولين قائلة: «اتقوا الله وارحمونا يا وزارة التربية!».
رؤيه مستقبليه
طلاب يلجؤون إلى الظل هربا من حرارة الشمس - تصوير: فوزية عربيدفي إطار سعيها لبلوغ المعدلات العالمية، رأت وزارة التربية زيادة عدد الساعات الدراسية خلال العام الدراسي، بحيث تصبح 875 بدلا من 576 ساعة دراسية للمرحلة الابتدائية، بواقع 299 ساعة إضافية، و718 بدلا من 585 ساعة للمرحلة المتوسطة، بواقع 133ساعة، أما ساعات الدراسة للمرحلة الثانوية فستتم زيادتها إلى 718 بدلا من 525 أي بإجمالي 193.
وتتخوف مصادر تربوية من أن يواجه مشروع إطالة الدوام المدرسي معارضة من قبل أولياء أمور الطلبة والمعلمين، في ظل عدم وضوح الرؤية في أداء وزارة التربية، وفي ظل فقدان الثقة الذي بات يشعر به معظم أولياء الأمور، وعدم استشعارهم بأن تلك القرارات تخرج بنتيجة طبيعية لدراسات تربوية نفّذتها الوزارة.
«أوان» استطلعت آراء أولياء الأمور والطلبة والمعلمين حول هذا المشروع، فهل يرونه يساهم في تطوير مخرجات التعليم، والقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، أم أنه سيشكل عامل ضغط إضافيا في سلسلة معاناتهم مع وزارة التربية؟
«إنه مشروع مفاجئ وغير مدروس».. هكذا يرى خالد الشملان (ولي أمر)، معتبرا مشروع إطالة اليوم الدراسي بندا جديدا في قائمة القرارات العشوائية لوزارة التربية، والتي دأبت على التعامل مع الطلبة والأهالي كحقل لتجاربها غير المدروسة، على حد تعبيره.
ويوضح الشملان أن هناك كثيرا من أوجه القصور في أداء وزارة التربية، وفي مخرجات العملية التعليمية، وفي كم وكيف المناهج يستوجب أولوية الاهتمام والإصلاح من قبل مسؤولي الوزارة، فبدلا من تكريس جهودهم في اختراع وسائل وممارسات ارتجالية يضغطون بها على الطلبة وأولياء أمورهم؛ عليهم الاهتمام بتحسين الأداء داخل المدارس، وإعداد كوادر تدريسية قوية ومدربة قادرة على توصيل المعلومة للطلبة، ووضع مناهج مبسّطة ومتطورة في الوقت ذاته.
ويتساءل: «من يصدّق أن أولياء الأمور الآن أصبحوا يستعينون بمدرسين خصوصين في مادة العلوم لتدريس أبنائهم في المرحلة الابتدائية، بعد خطة تغيير المناهج، وبعد أن تقاعس بعض المدرسين عن تبسيطها وتقديمها للطلبة بالصورة المفهومة؟».
ويختتم الشملان قائلا: «إذا التزمت وزارة التربية بأن تكون دراسة الطالب وحل جميع واجباته وإتمام دروسه داخل المدرسة دونما تحميله أو ذويه أي مسؤوليات دراسية بعد عودته من يوم دراسي طويل وشاق، فسأكون من أول المؤيدين لإطالة اليوم الدراسي».
استفتاء عام
وتأييداً للرأي السابق يبيّن علي زوبع (موظف بإدارة جمعية الفروانية) أن الضرورة لا تستدعي إطالة اليوم الدراسي، لأن المدارس تنهي المناهج الدراسية في موعدها، وحسب الخطة الموضوعة من قبل الوزارة، كما أن هناك وقتا كافيا للطالب قبيل الامتحانات النهائية، متسائلا: «ما الداعي لإطالة اليوم الدراسي والعبث بالنظام الذي اعتادته الأسرة والطلبة، وكيّفوا أمورهم عليه منذ بدء الحركة التعليمية في الكويت؟».
ويقترح الزوبع بدلا من الدعوة إلى مشروع إطالة اليوم الدراسي، وما سيتبعه من تكليف وزارة التربية إعداد وجبات غذائية للطلبة في المدارس، الأمر الذي سيضاعف الثقل على ميزانيتها؛ عليها أن توجّه هذه الأموال لشراء عدد أكبر من الحافلات (الباصات) المدرسية، بحيث تصبح مسؤولية المدرسة اصطحاب الطلبة وإعادتهم من المدرسة وإليها، وبذلك سيتم استثمار الميزانية بشكل أفضل وطويل المدى، وستكون خطوة على طريق حل مشكلة الاختناقات المرورية.
ويشدد على ضرورة اعتبار ولي الأمر شريكا في اتخاذ القرارت، ولاسيما الحساسة منها، والتي تتعلق به شخصيا وبمستقبل أبنائه، مقترحا عمل استفتاء عام لاستشعار آراء أولياء الأمور في القضايا والقرارات التعليمية قبل إصدار قرارات قد تكون سلبية، وضررها أكثر بكثير من منافعها.
تقلبات الطقس
أما جرّاح الفايز (مواطن -مدير شركة خاصة) فيعتبر ما تشهده أرض الواقع من تردّ في أداء وزارة التربية أرضية غير مشجعة لتقديم اقتراحات كإطالة اليوم الدراسي، مبينا أن هذا المشروع يميل إلى كونه تقليدا أعمى للدول الأخرى التي تختلف طبيعة طقسها وعواملها البيئية والاجتماعية تماما عن الكويت.
ويستطرد الفايز: «إن الطلبة يعانون من صعوبة تقلبات الطقس وارتفاع درجات الحرارة في الوضع الحالي، فكيف سيكون الوضع في حال إطالة اليوم الدراسي إلى الساعة الرابعة عصراً؟ وهل نتوقع منهم أو من الهيئة التدريسية أداء طيبا في ظل يوم دراسي طويل وشاق وطقس غير مشجع من حرارة وغبار وتقلبات جوية دائمة؟».
ويلفت إلى أنه إذا كان الهدف من زيادة عدد ساعات اليوم الدراسي القضاء على الدروس الخصوصية، فهناك حلول أخرى لا تكبّد أولياء الأمور العناء الناتج عن إطالة اليوم الدراسي أو تضاعُف من الاختناقات المرورية التي ستحدث مرة أثناء عودة الموظفين إلى بيوتهم الساعة 2 ظهرا ثم خروجهم مرة أخرى في الثالثة والنصف لاصطحاب أبنائهم من المدارس، مشيرا إلى أن رفع مستوى المعلمين من خلال دورات تدريبية مكثفة، وكذلك عمل مجموعات تقوية أسبوعية داخل المدارس للطلبة الذين يعانون من صعوبات في بعض المواد، وتحفيزهم على الانضمام إليها تعتبر حلولا ناجعة للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، من دون الحاجة إلى إطالة اليوم الدراسي.
قرار صادم
وفي السياق ذاته يوضح أحمد المعصب (موظف حكومي) أن هذا القرار إن تم تفعيله سيكون صادما لجميع الأسر الكويتية والمقيمة، فوزارة التربية سوف تقلب حياة الناس رأسا على عقب، من دون أي نتائج إيجابية متوقعة، فالجميع يعلم أن زيادة عدد ساعات اليوم الدراسي سوف تذهب للأنشطة المختلفة، ولن تتم الاستفادة منها في المواد الدراسية، فضلا عن إحساس الطلبة بالملل واستنفاد الطاقة، وهذا ما سينطبق أيضا على المعلمين.
وينبّه المعصب إلى الاضطراب الذي سيؤثر في النظام الاجتماعي والأسري، ضاربا المثل بتغيّر مواعيد اجتماع الأسرة مع بعضها لتناول وجبة الغداء كما هو معتاد، إذ سيصبح لكل فرد موعد مختلف عن الآخر، وستتأخر مواعيد عودة الأم التي تعمل في مهنة التدريس إلى بيتها وأطفالها وزوجها، وستكون مرهقة ومستنفدة الطاقة، كما ستتغير مواعيد نوم الطلبة ليلا، فهم في حاجة إلى السهر حتى يستطيعوا تحضير دروس اليوم المقبل، ومراجعة ما درسوه.
ويردف: «بما أن الطلبة سيعودون من المدرسة عصرا، فهم بحاجة إلى تعويض عدد الساعات التي كانوا يستغلونها في الراحة أو مراجعة دروسهم في حال عودتهم الطبيعية إلى البيت ظهرا، وهكذا ستتغير جميع الأمور والأنظمة، فما هو الداعي لكل ذلك؟ وهل إصلاحات أوضاع وزارة التربية تبدو غير ممكنة إلابإلقاء المزيد من الأعباء على الطلبة وأولياء الامور؟ ألا يكفينا ما نعانيه من شكاوى أبنائنا من صعوبة المناهج وضعف مستوى المعلمين في المدارس، واستنزاف جيوبنا من جراء حاجتنا الماسة الى الدروس الخصوصية؟».
رؤى ضبابية
جمعية المعلمين، من جهتها، ترفض تماما إطالة العام الدراسي الذي طرحته وكيلة وزارة التربية تماضر السديراوي، وترى أن المبررات التي تطرحها الوزارة واهية بكل ما تعانيه من معوقات ونقص، وتحديات كبيرة تجعلها غير قادرة على تنفيذ خطوات المشروع بالشكل المطلوب، وخصوصا ما يتعلق بتغيير النظم والخطط التربوية وتهيئة البيئة التربوية المناسبة، وسد كل احتياجاتها من الكوادر التعليمية.
ويؤكد رئيس الجمعية عايض السهلي أن الجمعية أصدرت بيانا ردت فيه على الوكيلة السديراوي في مشروع الإطالة، وانتقاد هذا المشروع الذي أتى في توقيت غير مناسب لا يخدم العملية التعليمية، بل يعكر صفوها، مضيفا: «ان الوكيلة السديراوي تطرح العديد من التصريحات والنظريات الإنشائية، وفي أغلب الأحيان تكون هذه النظريات بعيدة كل البعد عن الواقع الميداني والتربوي ومتطلباته».
ويشدد على رفض الجمعية مشروع إطالة العام الدراسي في ظل الأوضاع التربوية الحالية، وفي ظل وجود كم هائل من القضايا والهموم والمعوقات المتراكمة التي يعانيها الميدان التربوي، الى جانب الحالة غير المستقرة وضبابية الرؤى في العديد من الخطط والبرامج التربوية.
نظرة أحادية
السهلي يرى أن مبرر البرنامج الحكومي والمعايير الدولية الذي سعت من خلالها وزارة التربية الى دراسة مشروع الإطالة لن ينطلي على أهل الميدان أو المهتمين والمعنيين بالشأن التربوي، فالمعايير الدولية لها إطار شامل لكل الجوانب والسياسات والتوجهات التعليمية القادرة على تهيئة المناخ التربوي المناسب لكل أضلاع العملية التعليمية، مستغربا وجود هذه النظرة الأحادية الاتجاه للأخذ بالمعايير الدولية، وفي حدود ضيقة تتعلق بمواعيد وفترة الدوام الرسمي، من دون أن يتم النظر الى تلك المعايير بشكل شامل وموسع، والتدقيق في جميع اتجاهاتها حتى يتم توفير الإمكانات والمستلزمات المناسبة والخطط القادرة على تهيئة الأجواء التربوية المناسبة والبيئة الجاذبة المطلوبة.
عيالنا... « فئران تجارب»!
أم فهد علوش (ولية أمر لأولاد وبنات في مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي)، تعبّر عن ضيقها الشديد من السياسات والقرارات المتذبذبة التي تتخذها وزارة التربية، ويقع تأثيرها السلبي على الطلبة وأولياء أمورهم، ضاربة مثالا بسياسة تغيير المناهج إلى الأصعب بشكل مُبالغ فيه، ما كرّس الاتجاه إلى الدروس الخصوصية، بل دفع المدرسين الخصوصيين إلى رفع ثمن الحصة حتى وصلت إلى 20 دينارا للساعة الواحدة في المواد العلمية، ما أوقع الأهالي تحت ضغط عصبي ومادي أكبر.
وبالرجوع إلى إشكالية إطالة اليوم الدراسي تقول أم فهد: «أصحاب القرار في وزارة التربية ينامون ويحلمون بمشاريع، وينهضون صباحا لتطبيقها على عيالنا، وكأنهم فئران تجارب في معامل الوزارة، من دون دراسة أو حتى استشعار لمدى استجابة أو تقبّل الطلبة والأهالي». وتُنهي أم فهد حديثها بعبارة مقتضبة وشديدة اللهجة موجّهة الى المسؤولين قائلة: «اتقوا الله وارحمونا يا وزارة التربية!».
رؤيه مستقبليه